الأحد، 16 يوليو 2023

-- تقويم الزهراء1446 هـ الأحساء 39 سنة


ـــــــــــــــــــــــــــــــ مادة إعلانية ـــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقويم الزهراء 1446هـ الأحساء 39 سنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                 شهر محرم 1446هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                 شهر صفر 1446هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          شهر ربيع الأول 1446هـ
اضغط على الصورة للتكبير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

          شهر ربيع الآخر 1446هـت

اضغط على الصورة للتكبير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          شهر جمادى الأولى 1446هـ

اضغط على الصورة للتكبير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          شهر جمادى الآخرة 1446هـ
اضغط على الصورة للتكبير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 شهر رجب 1446هـ

اضغط على الصورة للتكبير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهر شعبان 1446هـ
اضغط على الصورة للتكبير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهر رمضان 1446هـ

اضغط على الصورة للتكبير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهر شوال 1446هـ
اضغط على الصورة للتكبير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهر ذي القعدة 1446هـ
اضغط على الصورة للتكبير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهر ذي الحجة 1446هـ

اضغط على الصورة للتكبير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقويم الزهراء 1446هـ الأحساء 39 سنة
********************
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنبيهات العامة

هذا والحمد لله رب العالمين 
وصلى الله على محمد وال محمد

#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*





الأحد، 6 أكتوبر 2019

-ذكرى استشهاد الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) -السابع من شهر صفر






  -ذكرى استشهاد الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) -السابع من شهر صفر


لقد دعا معاوية مروان بن الحكم إلى إقناع جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ـ وكانت من زوجات الإمام الحسن (عليه السلام) ـ بأن تسقي الحسن السمّ وكان شربة من العسل بماء رومة، فإن هو قضى نحبه زوّجها بيزيد، وأعطاها مئة ألف درهم .
وكانت جعدة هذه بحكم بنوّتها للأشعث بن قيس ـ المنافق المعروف الذي أسلم مرتين بينهما ردّة منكرة ـ أقرب الناس روحاً إلى قبول هذه المعاملة النكراء .
قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) : "إنّ الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وابنته جعدة سمّت الحسن، وابنه محمّد شرك في دم الحسين (عليه السلام)".
وهكذا تمّ لمعاوية ما أراد، وكانت شهادته (عليه السلام) بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة أو تسع وأربعين .
وحكم معاوية بفعلته هذه على مصير أُمة بكاملها، فأغرقها بالنكبات وأغرق نفسه وبنيه بالذحول والحروب والانقلابات، وتمّ له بذلك نقض المعاهدة إلى آخر سطر فيها .
وقال الإمام الحسن (عليه السلام) وقد حضرته الوفاة : "لقد حاقت شربته، وبلغ أمنيته، والله ما وفى بما وعد، ولا صدق فيما قال" .
وورد بريد مروان إلى معاوية بتنفيذ الخطّة المسمومة فلم يملك نفسه من إظهار السرور بموت الإمام الحسن (عليه السلام)، "وكان بالخضراء فكبّر وكبّر معه أهل الخضراء، ثم كبّر أهل المسجد بتكبير أهل الخضراء، فخرجت فاختة بنت قرظة بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف [زوج معاوية] من خوخة لها، فقالت : سرّك الله يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي بلغك فسررت به ؟ قال : موت الحسن بن عليّ، فقالت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ثم بكت وقالت : مات سيّد المسلمين وابن بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)".
والنصوص على اغتيال معاوية للإمام الحسن (عليه السلام) بالسمّ متضافرة كأوضح قضية في التاريخ .

إلى الرفيق الأعلى :

وثقل حال الإمام (عليه السلام) واشتدّ به الوجع فأخذ يعاني آلام الاحتضار، فعلم أنّه لم يبق من حياته الغالية إلاّ بضع دقائق فالتفت إلى أهله قائلاً :
"أخرجوني إلى صحن الدار أنظر في ملكوت السماء" .
فحملوه إلى صحن الدار ، فلمّا استقرّ به رفع رأسه إلى السماء وأخذ يناجي ربّة ويتضرع إليه قائلاً :
" اللّهم إنّي احتسب عندك نفسي ، فإنّها أعزّ الأنفس عليَّ لم أصب بمثلها ، اللّهم آنس صرعتي ، وآنس في القبر وحدتي " .
ثم حضر في ذهنه غدر معاوية به ، ونكثه للعهود ، واغتياله إيّاه فقال : " لقد حاقت شربته ، والله ما وفى بما وعد ، ولا صدق فيما قال ".
وأخذ يتلو آي الذكر الحكيم ويبتهل إلى الله ويناجيه حتى فاضت نفسه الزكية إلى جنّة المأوى ، وسمت إلى الرفيق الأعلى ، تلك النفس الكريمة التي لم يخلق لها نظير فيما مضى من سالف الزمن وما هو آت حلماً وسخاءً وعلماً وعطفاً وحناناً وبرّاً على الناس جميعاً .
لقد مات حليم المسلمين ، وسيّد شباب أهل الجنّة ، وريحانة الرسول وقرّة عينه ، فأظلمت الدنيا لفقده ، وأشرقت الآخرة بقدومه .
وارتفعت الصيحة من بيوت الهاشميّين ، وعلا الصراخ والعويل من بيوت يثرب ، وهرع أبو هريرة وهو باكي العين مذهول اللبّ إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ينادي بأعلى صوته : "يا أيّها الناس! مات اليوم حبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فابكوا".
وصدعت كلماته القلوب ، وتركت الأسى يحزّ في النفوس ، وهرع من في يثرب نحو ثوي الإمام وهم ما بين واجم وصائح ومشدوه ونائح قد نخب الحزن قلوبهم على فقد الراحل العظيم الذي كان ملاذاً لهم وملجأً ومفزعاً إن نزلت بهم كارثة أو حلّت بهم مصيبة .

تجهيز الإمام وتشييعه :

وأخذ سيد الشهداء في تجهيز أخيه ، وقد أعانه على ذلك عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن جعفر وعلي بن عبد الله بن عباس وأخواه محمد بن الحنفية وأبو الفضل العباس، فغسّله وكفّنه وحنّطه وهو يذرف من الدموع مهما ساعدته الجفون ، وبعد الفراغ من تجهيزه; أمر (عليه السلام) بحمل الجثمان المقدّس إلى مسجد الرسول لأجل الصلاة عليه .
وكان تشييع الإمام تشييعاً حافلاً لم تشهد نظيره عاصمة الرسول ، فقد بعث الهاشميّون إلى العوالي والقرى المحيطة بيثرب من يعلمهم بموت الإمام، فنزحوا جميعاً إلى يثرب ليفوزوا بتشييع الجثمان العظيم وقد حدّث ثعلبة ابن مالك عن كثرة المشيعين فقال : " شهدت الحسن يوم مات ، ودفن في البقيع ، ولو طرحت فيه إبرة لما وقعت إلاّ على رأس إنسان ". وقد بلغ من ضخامة التشييع أنّ البقيع ما كان يسع أحداً من كثرة الناس.

دفن الإمام (عليه السلام) وفتنة عائشة :

ولم يشكَّ مروان ومن معه من بني أمية أنّهم سَيَدْفُنونَه عند رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فتجمَّعوا لذلك ولبسوا السلاح ، فلمّا توجّه به الحسين (عليه السلام) إلى قبر جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً; أقبلوا إليهم في جمعهم، ولحقتهم عائشة على بغل وهي تقول: ما لي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب، وجعل مروان يقول : يا رُبَّ هيجا هي خير مِن دَعَة، أَيُدْفَنُ عثمانُ في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبيّ؟! لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف.
وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم وبني أمية فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له : ارجع يا مروان من حيث جئت فإنّا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكنّا نريد أن نجدّد به عهداً بزيارته ثم نردّه إلى جدّته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها بوصيته بذلك، ولو كان أوصى بدفنه مع النبي (صلى الله عليه وآله) لعلمت أنّك أقصر باعاً من ردّنا عن ذلك ، لكنّه (عليه السلام) كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدماً ، كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير إذنه.
ثم أقبل على عائشة وقال لها: وا سوأتاه! يوماً على بغل ويوماً على جمل، تريدين أن تطفِئي نور الله وتقاتلي أولياء الله، ارجعي فقد كُفيت الذي تخافين وبلغت ما تحبين والله منتصر لأهل البيت ولو بعد حين .
وقال الحسين (عليه السلام) : "والله لو لا عهد الحسن بحقن الدماء وأن لا أُهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا".
ومضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف (رضي الله عنها) .
ووقف الإمام الحسين (عليه السلام) على حافة القبر ، وأخذ يؤبّن أخاه قائلاً : " رحمك الله يا أبا محمد ، إن كنت لتباصر الحقّ مظانّه ، وتؤثر الله عند التداحض في مواطن التقية بحسن الروية ، وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة ، وتفيض عليها يداً طاهرة الأطراف ، نقية الأسرة ، وتردع بادرة غرب أعدائك بأيسر المؤونة عليك ، ولا غرو فأنت ابن سلالة النبوّة ورضيع لبان الحكمة ، فإلى رَوْح ورَيْحان ، وجنّة ونعيم ، أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه ، ووهب لنا ولكم حسن الأسى عنه " .(1)

فسلام عليكم ايا اهل البيت يحاربونكم وانتم احياء ويحاربونكم وانتم اموات وكم حاولوا قمعكم و اخفائكم عنا، وهل هدم القبور يخفي الحقيقة ؟ ام رشق نعش الامام الحسن بالسهام يخفي الحقيقة ، ام اغراق مرقد الامام الحسين بن علي عليه السلام وحرث مرقده من قبل الحجاج لعنة الله عليه يخفي الحقيقة ؟{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.(2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):اعلام الهداية ج4 /المجمع العالمي لاهل البيت.
(2):التوبة آية(32).


الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

الإمام علي زين العابدين عليه السلام مفخرة الساجدين وشهادته في الخامس والعشرين من المحرم




بسم الله الرحمن الرحيم

الخامس والعشرون من شهر محرم الحرام ذكرى استشهاد رابع أئمة الهدى والعصمة الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام.



ولادته المباركة:

ولد سلام الله عليه يوم الخميس 15 جمادى الأولى عام 36 هجري، وقيل: الخامس من جماد الأولى سنة 38 للهجرة، قبل وفاة أمير المؤمنين عليه السلام بسنتين. وقيل: سنة 37، فعلى الأول عاش مع عمه الحسن عليه السلام عشر سنين ومع أبيه اثنان وعشرين سنة، وهكذا تلقفت أركان الإمامة السجاد بالعلم والأدب وحكمة الأنبياء وصفاء الأولياء، بعد أن اختار الله تعالى له هذا الاسم المبارك (علي) زين العابدين وسيد الساجدين.



والدته الماجدة:

شهربانو بنت يزدجرد بن شهريار بن برويز بم هرمز بن انوشيروان ملك الفرس، وقيل شاه زنان كما قال الشيخ الجليل الحر العاملي:

وأمه ذات العلا والمجد شاه زنان بنت يزدجرد

وهو ابن شهريار ابن كسرى ذو سؤدد ليس يخاف كسرى



إمامته:

قام بأمر الإمامة بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام عام 61هـ وله من العمر 24 سنة، واستشهد مسموماً في 25 محرم عام 95هـ وله من العمر 57 سنة.



مكارم أخلاقه عليه السلام:

روى الشيخ المفيد رحمه الله وغيره أنه: وقف على الإمام علي بن الحسين عليهما السلام رجل فأسمعه وشتمه، فلم يكلمه، فلما انصرف قال لجلسائه: قد سمعتم ما قال هذا الرجل، وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا ردي عليه.

فقالوا له: نفعل ولقد كنا نحب أن تقول له ونقول.

قال: فأخذ نعليه ومشى وهو يقول: «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» سورة آل عمران: 134، فعلمنا أنه لا يقول له شيئاً، فخرج حتى أتى منزل الرجل فصرخ به فقال: قولوا له هذا علي بن الحسين.

قال: فخرج إلينا متوثباً للشر وهو لا يشك أنه إنما جاءه مكافئاً له على بعض ما كان منه.

فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: «يا أخي إنك كنت قد وقفت عليّ آنفاً فقلت وقلت، فإن كنت قلت ما فيَّ فاستغفر الله منه، وإن كنت قلت ما ليس فيَّ فغفر الله لك».

فقبّل الرجل بين عينيه وقال: بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به.



إن لله يوماً يخسر فيه المبطلون:

روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كان بالمدينة رجل بطّال يضحك الناس منه، فقال: قد أعياني هذا الرجل أن أضحكه، يعني علي بن الحسين عليه السلام.

قال: فمرّ علي عليه السلام وخلفه موليان له، فجاء الرجل حتى انتزع رداءه من رقبته ثم مضى، فلم يلتفت إليه علي عليه السلام، فاتبعوه وأخذوا الرداء منه فجاءوا به فطرحوه عليه، فقال لهم: من هذا؟

فقالوا له: هذا رجل بطّال يضحك أهل المدينة.

فقال: قولوا له: إن لله يوماً يخسر فيه المبطلون».



سفر وكتمان العنوان:

عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «كان علي بن الحسين عليه السلام لا يسافر إلا مع رفقة لا يعرفونه، ويشترط عليهم أن يكون من خدم الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرة مع قوم فرآه رجل فعرفه فقال لهم: أتدرون من هذا؟

قالوا: لا.

قال: هذا علي بن الحسين عليهما السلام.

فوثبوا فقبلوا يده ورجله وقالوا: يا بن رسول الله أردت أن تصلينا نار جهنم، لو بدرت منا إليك يد أو لسان، أما كنا قد هلكنا آخر الدهر، فما الذي يحملك على هذا؟

فقال: إني كنت سافرت مرة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله صلى الله عليه وآله ما لا أستحق، فإني أخاف أن تعطوني مثل ذلك فصار كتمان أمري أحب إليّ».





تصدق في السر:

روي: أن الإمام زين العابدين عليه السلام كان يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب على ظهره وفيه الصرر من الدنانير والدراهم، وربما حمل على ظهره الطعام أو الحطب حتى يأتي باباً باباً، فيقرعه، ثم يناول من يخرج إليه، وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيراً لئلا يعرفه.

فلما توفي عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنه كان علي بن الحسين عليه السلام.

ولما وُضع عليه السلام على المغتسل نظروا إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل مما كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين.

وعن الإمام الباقر عليه السلام انه قال: لقد كان علي بن الحسين عليهما السلام يعول مائة أهل بيت من فقراء المدينة، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والأضراء والزمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، ومن كان لهم منهم عيال حمله إلى عياله من طعامه، وكان لا يأكل طعاماً حتى يبدأ فيتصدق بمثله.



في عبادته عليه السلام:

أتت فاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام إلى جابر بن عبد الله فقالت له: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله، إن لنا عليكم حقوقاً، ومن حقنا عليكم إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهاداً أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا علي بن الحسين عليه السلام بقية أبيه الحسين عليه السلام قد أنخرم أنفه ونقبت جبهته وركبتاه وراحتاه، أذاب نفسه في العبادة.

فأتى جابر إلى بابه واستأذن، فلما دخل عليه وجده في محرابه، قد أنصبته العبادة، فنهض علي عليه السلام فسأله عن حاله سؤالاً خفياً، أجلسه بجنبه.

ثم أقبل جابر يقول: يا بن رسول الله، أما علمت أن الله خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟

فقال له علي بن الحسين عليه السلام: «يا صاحب رسول الله، أما علمت أن جدي رسول الله صلى الله عليه و آله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد له، وتعبّد هو بأبي وأمي حتى انتفخ الساق وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: أفلا أكون عبداً شكوراً».

فلما نظر إليه جابر وليس يغني فيه قول، قال: يا بن رسول الله، البقيا على نفسك، فإنك من أسرة بهم يستدفع البلاء، وتستكشف اللأواء، وبهم تستمسك السماء.

فقال: يا جابر، لا أزال على منهاج أبوي مؤتسياً بهما حتى ألقاهما.

فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: ما رُئي من أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين عليه السلام إلا يوسف بن يعقوب عليه السلام، والله، لذرية علي بن الحسين أفضل من ذرية يوسف.



خوفاً من الله:

وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا قام في الصلاة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقاً».



ألف ركعة في اليوم واليلة:

عن الإمام الباقر عليه السلام: «كان علي بن الحسين عليهما السلام يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة...

وكان إذا قام في صلاته غشي لونه لونا آخر.

وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل.

كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله.

وكان يصلي صلاة مودع يرى أنه لا يصلي بعدها أبداً».



سيد الساجدين وجمال العابدين:

عن الإمام الباقر عليه السلام: «إن أبي علي بن الحسين عليهما السلام ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد.

ولا قرأ آية من كتاب الله عزوجل فيها سجود إلا سجد.

ولا دفع الله تعالى عنه سوءً يخشاه أو كيد كايد إلا سجد.

ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد.

ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد.

وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده، فسمي السجاد لذلك».



في صحراء عرفات:

عن الإمام الباقر عليه السلام قال: نظر علي بن الحسين عليهما السلام يوم عرفة إلى قوم يسألون الناس، فقال: ويحكم أغير الله تسألون في مثل هذا اليوم؟!، إنه ليرجى في مثل هذا اليوم لما في بطون الحبالى أن يكون سعيداً.





دعاء وبكاء وإصلاح:

إن الإمام زين العابدين عليه السلام كان حاضراً في يوم عاشوراء، وقد شاء الله عزَّ وجلَّ أن تحفظ ذرية رسوله صلى الله عليه وآله، وأن لا تخلو الأرض من الحجة، فأصيب الإمام عليه السلام بمرض شديد لا يقوى على الحركة والقيام، فلم يتمكن من الدفاع عن أبيه الإمام الحسين عليه السلام والشهادة في سبيله، إلا أنه كان السر في إحياء واقعة عاشوراء وعدم طمسها.

فقد بدأ الإمام عليه السلام بعد واقعة عاشوراء بتوعية الأمة، وفضح بني أمية، وذلك عبر مدرسة الدعاء والبكاء.

فالصحيفة السجادية تشتمل على عشرات الأدعية المأثورة عن الإمام علي ابن الحسين عليه السلام في مختلف المجالات، وهي مدرسة متكاملة توجب وعي الأمة وسوقها إلى الإيمان والفضيلة والتقوى.

أما البكاء، فهو سلاح المظلوم، وقد كان بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام ثورة في وجه الطغاة، حيث كان يبكي وبشدة على ظلامة أبيه الحسين عليه السلام في كل موقف وعند كل مناسبة وأمام جميع الناس وكان يذكّرهم بأن أباه الحسين عليه السلام قتل عطشاناً مظلوماً.

قال الإمام الباقر عليه السلام: «ولقد كان ـ عليه السلام ـ بكى على أبيه الحسين عليه السلام عشرين سنة، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى، حتى قال له مولى له: يا ابن رسول الله، أما آن لحزنك أن ينقضي؟

فقال له: ويحك، إن يعقوب النبي عليه السلام كان له اثنا عشرة ابناً، فغيب الله عنه واحداً منه، فابيضّت عيناه من كثرة بكائه عليه، وشاب رأسه من الحزن، واحدودب ظهره من الغم، وكان ابنه حياً في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟».



تربية المجتمع:

وكان الإمام علي بن الحسين عليه السلام يقوم بشراء العبيد والإماء، ثم كان يربيهم تربية إسلامية حسنة ويثقفهم بالمعارف الدينية والأحكام الشرعية، ويعلّمهم أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وتفسير القرآن، ثم يعتقهم في سبيل الله عزوجل،فكانوا نواة الخير في المجتمع آنذاك والناس يرجعون إليهم في معرفة أحكام الدين والقرآن.



معجزات وكرامات:

عن أبي الخير علي بن يزيد أنه قال: كنت مع علي بن الحسين عليه السلام عندما انصرف من الشام إلى المدينة، فكنت أحسن إلى نسائه، أتوارى عنهم إذا نزلوا وأبعد عنهم إذا رحلوا، فلما نزلوا المدينة بعثوا إليّ بشيء من الحلي، فلم آخذه وقلت: فعلت هذا لله ولرسوله..

فأخذ علي بن الحسين عليه السلام حجراً أسود صماً فطبعه بخاتمه وقال: «خذه واقض كل حاجة لك منه».

قال: فوالله الذي بعث محمداً بالحق لقد كنت أجعله في البيت المظلم فيسرج لي، وأضعه على الأقفال فتفتح لي، وآخذه بيدي وأقف بين أيدي الملوك فلا أرى إلا ما أحب.





الإمام عليه السلام والقاتل هشام:

حج هشام بن عبد الملك فلم يقدر على استلام الحجر من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليهما السلام وعليه إزار ورداء من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له.

فقال شامي: من هذا يا أمير؟

فقال: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام.

فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكني أنا أعرفه.

فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟

فأنشأ:

يا سائلي أين حل الجــود والكرم*** عنـــــدي بيان إذا طـــــلابه قدموا

هذا الذي تعرف البــطحاء وطأته*** والبيـــــت يعرفه والـــحل والحرم

هذا ابن خير عــــــــباد الله كلهم*** هذا التقــــــــي النقي الطاهر العلم

هذا الذي أحــــــمد المختار والده*** صلى علـــــيه إلهي ما جرى القلم

لو يعلم الركـــن من قد جاء يلثمه*** لخر يلـــــثم منه ما وطـــــي القدم

هذا علي رســــــول الله والـــــده*** أمســـــت بنور هداه تهتدي الأمم

هـــــذا الــــذي عمه الطيار جعفر*** والمقتول حـــــمزة لـيث حبه قسم

هذا ابن سيدة النـــــسوان فـاطمة*** وابن الوصــي الذي في سيفه نقم

فغضب هشام ومنع جائزته وقال: ألا قلت فينا مثلها؟!

قال: هات جداً كجده، وأباً كأبيه، وأما كأمه، حتى أقول فيكم مثلها.

فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: «أعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به».

فردَّها وقال: يا ابن رسول الله، ما قلت الذي قلت إلا غضباً لله ولرسوله، وما كنت لأرزأ عليه شيئاً.

فردها إليه وقال: «بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك فقبلها».



شهادته سلام الله عليه:

كانت شهادة الإمام زين العابدين صلوات الله وسلامه عليه في يوم 25 من شهر محرم الحرام عام 94 للهجرة.

وقد سمّه وليد بن عبد الملك، فقضى نحبه مسموماً شهيداً، ودفن في البقيع الغرقد حيث مزاره الآن، وقد هدم الوهابيون تلك المزارات الطاهرة، وقيل ان الذي سمه هشام بن عبد الملك، ويحتمل ان هشام حرض اخاه على قتل الإمام عليه السلام ـ كما احتمل ذلك الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال ـ ومنشأه هو عدم تمكن هشام من استلام الحجر الأسود وتمكن الإمام كما تقدم الكلام فحقد هشام وحرض أخاه على ذلك.



وصيته عليه السلام:

روى الشيخ الثقة الجليل علي بن محمد الخزاز القمي في كتابه كفاية الأثر عن عثمان بن عفان بن خالد انه قال: مرض على بن الحسين عليهما السلام ـ في مرضه الذي توفي فيه، فجمع أولاده محمداً والحسن وعبد الله وعمراً وزيداً والحسين وأوصى الى ابنه محمد بن علي عليهما السلام وكنّاه الباقر، وجعل أمرهم إليه، وكان فيما وعظه في وصيته أن قال: «يا بني ان العقل رائد الروح والعلم رائد العقل (إلى أن قال) واعلم ان الساعات تذهب عمرك وانك لا تنال النعمة إلا بفراق أخرى فإياك والأمل الطويل فكم من مؤمل أملاً لا يبلغه وجامع مال لا يأكله...».

وروي أيضاً عن الزهيري انه قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام في المرض الذي توفي فيه إذ قُدِّم إليه طبق فيه خبز والهندباء فقال لي كله، قلت: قد أكلت يا بن رسول الله، قال: انه الهندباء، قلت: وما فضل الهندباء؟ قال: ما من ورقة من الهندباء إلا وعليها قطرة من ماء الجنة، فيه شفاء من كل داء.

قال: ثم رُفع الطعام وأتى بالدهن، فقال: ادهن يا ابا عبد الله، قلت: قد أدهنت، قال: انه هو البنفسج، قلت: وما فضل البنفسج على سائر الأدهان؟ قال: كفضل الإسلام على سائر الأديان، ثم دخل عليه محمد ابنه فحدثه طويلاً بالسر فسمعته يقول فيما يقول: «عليك بحسن الخلق».

قلت: يا بن رسول الله ان كان من أمر الله ما لابد لنا منه ـ ووقع في نفسي انه قد نعى نفسه ـ فإلى من يُختلف بعدك؟ قال: يا أبا عبد الله إلى ابني هذا ـ وأشار إلى محمد ابنه ـ انه وصيي ووارثي وعيبة علمي، معدن العلم وباقر العلم، قلت: يا بن رسول الله ما معنى باقر العلم؟ قال: سوف يختلف إليه خلّاص شيعتي ويبقر العلم عليهم بقراً.

قال: ثم أرسل محمداً (الباقر) ابنه في حاجة له في السوق، فلما جاء محمد قلت: يا بن رسول الله هلا أوصيت إلى أكبر أولادك؟ قال: يا أبا عبد الله ليست الإمامة بالصغر والكبر، هكذا عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وهكذا وجدناه مكتوباً في اللوح والصحيفة.

وروي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «لما حضرت علي بن الحسين عليه السلام الوفاة ضمني إلى صدره، ثم قال: يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي عليه السلام حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به، قال: يا بنيّ إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله».

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: لما حضر علي بن الحسين عليه السلام الوفاة، أغمي عليه ثلاث مرات، فقال في المرة الأخيرة: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين، ثم توفي عليه السلام. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين.



ـــــــــــــــــــــــ


الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

نزول العذاب على أصحاب الفيل 1/17




أصحاب الفيل، أو حادثة الفيل،

 هي حادثة متواترة ومعروفة عند العرب حتى إنهم جعلوها مبدأ لتاريخهم، حينما أراد قائداً حبشياً أن يعتدي على الكعبة المشرفة ويهدمها، ليمنع العرب من الحج إليها، فتوجه بجيش جرار إلى مكة، واستصحب معه فيَلة كثيرة زيادة في الإرهاب والتخويف، ولهذا اشتهروا بأصحاب الفيل، لكن ظهرت معجزة الله تعالى بحفظ بيته، بإرسال طير الأبابيل وقتلهم جميعاً. وقد خوطب النبي الأكرم في القرآن الكريم بهذه الحادثة في سورةٍ كاملة ومستقلة باسم سورة الفيل.

أصحاب الفيل في القرآنذكر القرآن الكريم هذه القصة، فأنزل الله تعالى سورةً كاملةً ومستقلةً بإسم سورة الفيل:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾*﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾*﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ﴾*﴿تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ﴾*﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصة أصحاب الفيل
نزل جماعة من أهل مكة بأرض الحبشة في تجارةٍ، فدخلوا في كنيسةٍ من كنائس النصارى، وأوقدوا بها ناراً يصطلون عليها، ويصنعون بها طعاماً لهم. ورحلوا ولم يُطفؤوها، فهبّت به ريح فأحرقت جميع ما في الكنيسة، فلما دخلوا قالوا: من فعل هذا؟ قالوا: كان بها تجار من عرب مكة، فأخبروا بذلك ملكهم، فقال: ما أحرق معبدنا إلا العرب، فغضب لذلك غضباً شديداً، وقال: لأُحرقنّ معبدهم، فأرسل وزيره أبرهة بن الصبّاح مع الجيوش، وأرسل معه الفيل؛ ليهدم البيت.


سبب استهدافهم لهدم الكعبة
ورد في بعض المصادر أنّ السبب الذي جرّ أصحاب‏ الفيل‏ إلى مكة هو أمير الحبشة الذي بنى كنيسة باسم الملك ( القليس) وأراد أن يصرف إليها حج العرب ويمنع الناس من الذهاب إلى مكة، وبعدها خرجت رفقة من العرب وأشعلت ناراً، وكان في في عمارة (القليس) خشب، فحملتها الريح إليها فأحرقتها، فحلف ليهدمنّ الكعبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقف قريش وعبد المطلب: 

لما سمع أهل مكة أنه قد نزل بهم صاحب الفيل جمعوا أموالهم وأهليهم ودوابهم وهموا بالخروج من مكة هاربين من أصحاب‏ الفيل،‏ فلما نظر إليهم عبد المطلب قال لهم: يا قوم أيجمل منكم هذا الأمر وإنه لعار عليكم خروجكم عن كعبتكم قالوا له: إنّ الملك أقسم بمعبوده أن لا بد له من ذلك أن يهدم الكعبة ويرمي أحجارها في البحر ويذبح أطفالها ويرمل نساءها ويقتل رجالها، فاتركنا نخرج قبل أن يحل بنا الويل فقال لهم عبد المطلب: إنّ الكعبة لا يصلون إليها لأنّ لها مانعاً يمنعهم عنها وصاداً يصدهم عنها، فإن أنتم التجأتم إليها واعتصمتم بها فهو خير لكم، فلم تطمئن القلوب إلى كلامه وغلب عليهم الخوف والجزع وخرجوا هاربين يطلبون الشعاب ومنهم من طلب الجبال ومنهم من ركب البحر، فعند ذلك قالوا لعبد المطلب: ما يمنعك أن تهرب مع الناس قال أستحيي من الله أن أهرب عن بيته وحرمه، فو الله لا برحت من مكاني ولا نأيت عن بيت ربي حتى يحكم الله بما يشاء، ولم يبق يومئذ بمكة إلا عبد المطلب وأقاربه وهم غير آمنين على أنفسهم، فلما نظر عبد المطلب إلى الكعبة خالية وديارها خاوية قال: اللهم أنت أنيس المستوحشين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقف أبرهة مع عبدالمطلب:
لما أقبل صاحب الحبشة بالفيل يريد هدم الكعبة، مرّوا بإبل لعبد المطلب فاستاقوها، فتوجه عبد المطلب إلى الجيش، وقيل لأبرهة: إنّ هذا شريف قريش وهو رجل له عقل ومروءة، فأكرمه وأدناه، ثمّ قال لترجمانه: سله: ما حاجتك؟ فقال له: إنّ أصحابك مرّوا بإبل لي فاستاقوها، فأحببت أن تردّها لي، فتعجب من سؤاله إياه ردّ الإبل وقال: انت تتحدث عن إبلك ولا تذكر الكعبة وأنا قدمت لهدمها؟! فقال عبد المطلب: أنا ربّ الإبل وللبيت ربّ يحميه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وصف الطير والحجارة
عن الإمام الصادق ( ع) قال: أرسل الله على أهل الفيل طيراً مثل الخطاف أو نحوه، في منقاره حجر مثل العدسة، فكان يحاذي برأس الرجل فيرميه بالحجر، فيخرج من دبره، فلم تنزل بهم حتى أتت عليهم، قال: فأفلت رجل منهم فجعل يخبر الناس بالقصة، فبينما هو يخبرهم إذ أبصر طيراً منها فقال: مثل هذا هو منها، قال: فحاذى به فطرحه على رأسه فخرج من دبره.
عن ابن عباس قال: دعا الله الطير الأبابيل فأعطاها حجارة سوداً عليها الطين، فلما حاذت بهم رمتهم، فما بقي أحد منهم إلا أخذته الحكة، فكان لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط لحمه، قال: وكانت الطير نشأت من قبل البحر لها خراطيم الطيور ورؤوس السباع، لم تر قبل ذلك ولا بعده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمعجزة حفظ بيت الله

أرسل الله سبحانه طيوراً أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل، فرمتهم بالحجارة، وبعث اللَّه ريحاً، فزادتها شدَة، فما وقع منها حجرٌ على رجُلٍ إِلا خرج من دُبُره، فقتلتهم وشتتت أشلائهم، وكان هذا من أعظم المعجزات في ذلك الزمان، أظهره اللَّه ليدل على وجوده، ووجوب معرفته.

ـــــــــــــــــــــــــ
عام الفيل مبدأ للتأريخ: 
جعل العرب واقعة هجوم أبرهة علی الكعبة، مبدأ لتاريخهم. ولهذا السبب عدّوا السنة الأولى من حياة النبي( ص واله) الأكرم ضمن عام الفيل.

مصدر المعلومات ويكي شيعة 


الخميس، 12 سبتمبر 2019

القصة الكاملة لدفن جسد الامام الحسين واجساد اهل بيتهُ واصحابهُ




القصة الكاملة لدفن جسد الامام الحسين واجساد اهل بيتهُ واصحابهُ


الراوي: بعد مقتل الإمام الحسين (ع) وأهل بيتهُ (ع) واصحابهُ بقيت الأجساد مطروحة ثلاثة أيام على رمضاء كربلاء. فلما ارتحل عسكر ابن سعد وساروا بالسبايا والرؤوس .نزل بنوا أسد في ارض كربلاء ، في مكان قريب من المعركة وبنوا بيوتهم ونصبوا خيامهم وقاموا برعاية مواشيهم . وعند حاجتهم لشرب الماء ذهبت النسوةُ لجلب الماء إلى رجالهٌن وليسقين مواشيهن . فعند وصولهن إلى الفرات ليجلبن الماء من المشرعة ، أردن التوجه إلى الخيام فمررن على المعركة فإذا هُن يشاهدن الجثث على المسناة قريباَ من الفرات ومتناثرة في رمضاء كربلاء فأخذن يلطمن على الخدود ويتصارخن وقلن هذهِ والله جثثُ الحسين واهلُ بيتهُ واصحابهُ .ثم رجعت النسوة إلى البيوت صارخات من هولُ ما رأين من الجثث المذبوحة .فهرع الرجال من بيوتهم من شدة صراخ النساء فسألوهن ماذا حدث ! ماذا جرى!؟فأجابت النساء : لقد شاهدنا جُثث أهل بيت النبوة . شاهدنا جثة الحسين وجُثث أهل بيتهِ واصحابُه.فقال شيخ ُالعشيرةالشيخ: أنا نخافُ والله من عبيد الله بن زياد تصبحُنا خيولهم وينهبونا أو يقتلوا احدُنا.النساء:بان عليكُم الجبن والخوف فو الله نذهبُ نحنُ لدفن الأجساد ولا نتركُ الحسين مرمياً على الأرض .الشيخ :ارجعنِِِْ أيها النساء. لا والله ما الجبنُ والخوف من شيمُنا فنحن في خدمة الحسين . هيـــــــــــا .هيـــــــــــا احملوا الفؤوس لحفر القبور ودفن الأجساد ولنضع عيناً على طريق الكوفة ولنتولى دفنهم .الراوي :فتجمع بنو أسد قرب الأجساد الطواهر الزواكي . حول جسد الحسين واهلُ بيتهِ واصحابُه وهم يبكون من هول المصيبة فبركوا على الجثث لينظروا ما حل بها وهي بلا رؤوس وقد سُلبت عليها فناداهم الشيخ قائلاً.الشيخ:هيا تعالوا . اقتربوا لحملِ هذه الجثُة 
.الراوي:فاجتمعوا كلهم لحمل الجثة فلم يستطيعوا تحريك عضواُ من أعضائها .وفي هذهِ الإثناء جاء الرجلُ يركضُ خائفاُ ويقول لهم ان شخصاُ ملثماُ راكباُ جوادهُ جاء متجهاُ نحونا .الشيخ :يا إخوتي وأبنائي اختبئوا وراء الأشجار لننظر من القادم . هيا اختبئوا.الراوي :فجاء الإعرابي على متن ِ جواده وقد ضيق لثامهُ واتجه نحو الجثث . إلى جثة الحسين وجثث أهل بيته ونزل عن جواده متجهاُ نحو الأجساد وهو منحنياُ كهيئة الراكع حتى وصل إلى إحدى الجثث ورمى بنفسهِ على الجسد فجعل يشمهُ تارةً ويقبلهُ تارةً أخرى . وقد بُــــــــــــــــــــــل لثامهُ بالدموع.الراوي: فتقدم بنوا أسد نحو الإعرابي وقال لهم شيخهُم .الشيخ :تقدموا نحو هذا الرجُل .الامام : أيها المسلمون ما وقوفكم حول هذهِ الجثث .الشيخ :يا أخا العرب جئنا لنتفرج عليها .الامام :لا والله ما كان هذا قصدكم .الشيخ :نعم يا أخا العرب . ألان نُطلعك على ما في صدورنا . لقد أتينا لدفن جسد الإمام الحسين فلم نستطع تحريك عضو من أعضائه ثم اجتهدنا لدفن أهل بيته وما فينا من يعرف من هذا ومن ذاك وهم كما ترى جثثً بلا رؤوس .الراوي :بعد ذلك قام الإمام (ع) فخط خطاُ في الأرض وهُم ينظرون اليهِ ماذا يفعل وقال لهم الإمام .الامام :احفروا ها هنــــــــــــــــــــــــا الشيخ :هيا يا أصحابي احفروا حفرةٍ وافعلوا ما يأمركم به هذا الإعرابي .الراوي :فقام بنو أسد يحفرون الحفر ليدفنوا بها أصحاب الحسين .وعند إكمال عملهم أمرهم الإمام (ع) بوضع نيفً وسبعين من أصحاب الإمام الحسين في هذه الحفرة فقام بنوا أسد بجمع الجثث ووضعوها في الحفرة .ثم أمرهم بحفر حفرة ثانية وهو يبكي بكاءٍ شديداً فقاموا بحفر الحفرة الثانية امتثالاُ لأمر الإمام ثم جمعوا إحدى وعشرون جثة وهي مقطعة ووضعوها في الحفرة . وبعدها أمرهم الإمام (ع) بأن يهيلوا التراب على الحفرتين فأخذوا يهيلون التراب ببكاءٍ وعويل .ثم جلس الإمام بقرب جسد الإمام الحسين (ع) وهو يبكي وقد انحنى عليهِ ثم أمرهم الإمام بأن يشقوا ضريحاُ لجسد الإمام الحسين مما يلي الرأس الشريف ففعلوا وقاموا يحفرون الحفرة والبكاء يعلو بينهم . وبعد ذلك قام الإمام ليحمل جسد أبيه فأقبل عليه الشيخ واصحابهُ ليساعدوه في حمل الجسد . فقال الإمام بخضوعْ وخشوع .الامام :إنا أكفيكم أمره .الشيخ :يا أخا العرب كيف تكفينا أمره وكلنا اجتهدنا على إن نحرك عضواُ من أعضائه فلم نقدر عليه .الامام :إن معي من يعينني عليه .الراوي :وقبل إن يحمل جسد أبيه الحسين قال لبني أسد .الامام :ائتوني بحصيرة .الشيخ : يا أصحابي احضروا الحصيرة . يا أخا العرب ماذا تصنع بالحصيرة !الامام :اجمعُ عليها أوصال جسد أبي عبد الله الحسين .الراوي :عندها ذهب بنو أسد لجلب الحصيرة إلى الإمام السجاد (ع) ليجمع عليها أوصال ابيه المقطعة . وعندما جلبوا الحصيرة قام الإمام بجمع أوصال الإمام الحسين (ع) المقطعة من هنا وهناك ووضعها على الحصيرة .ثم قام الإمام وحمل الجسد الطاهر ووضعهُ على الحصيرة ثم حمل الحصيرة وفيها الجسد المقطع إلى مستودع القبر .الراوي :فعندما نزل الإمام السجاد(ع) إلى القبر بقي فترة طويلة فقام إليه الشيخ ينظر إليه ماذا يفعل هذا الرجل فوجدهُ واضعاً خدهُ على خد أبي عبد الله الحسين وهو يبكي ويقول ( بسم الله وبالله طوبى لأرض تضمنت جسدك الشريف أما الدنيا فبعدك مُظلمة وأما الآخرة فبنورِ وجهك مُشرقة ، أما حُزني فســـــــــــــــرمد وأما ليلي فمسهد حتى يختارُ الله لي دارك التي أنت فيها مُقيم).بينما الإمام واضعاً فمهُ على نحر أبيه الحسين فإذا سمع صوتَ يخرجُ من منحر الحسين ( ولدي علي وسد رضيعي على صدري) بعد ذلك نهض الإمام السجاد وحمل الطفل الرضيع ووضع منحرهُ على منحر أبيه وصدرهُ على صدر أبيه.الراوي :ثم قام الإمام (ع) وهو يبحثُ في الأرض . فقال لهُ الشيخالشيخ :عن ماذا تبحث يا أخا العرب .الامام :ابحث عن خنصر أبي عبد الله الحسين .الراوي :بعد ذلك قام الإمام السجاد وأهال التراب على جسد أبيه الحسين وهو باكياُ مفترشاُ الأرض لا يقوى على حمل جسمهُ النحيف .ثم أهل التراب على جسد المولى أبي عبد الله . وعندما أكملوا دفن الجسد الطاهر . جلس الإمام قرب القبر وكتب ب أصبعهُ الشريف ( هذا قبرُ الحسين بنعلي بن أبي طالب المذبوح بأ رض كربلاء عطشاناً غريبا)ثم التفت إلى بني أسد وسألهم .الامام :يا بنو أسد هل بقي احد .الشيخ :نعم يا أخا العرب بقي بطلَ على المسناة كلما رفعنا منهُ جانب سقط الجانب الأخر. لكثرة ضرب ُ السيوف وطعنُ الرماح .الراوي :فذهب الإمام إليه فلما وصل إلى جسدِ عمه العباس انكب عليه يقبلُه .الامام :ياقمر بني هاشم على الدنيا بعدك العفى .الراوي :وافترش الإمام جسد عمهُ العباس ثم صاح .الإمام :عماه ليتك حاضراً لترى ما حل بنا .يا بنوا أسد احفروا حفرة هنا .الراوي :فقام بنو أسد بحفر القبر لجسد العباس قمر العشيرة .ثم قام الإمام برفع الجسد الطاهر ليضعهُ في قبره ثم نزل إلى القبر واخذ يبكي على جسد عمهُ أبو الفضل بعدها نهض الإمام (ع) واخذ الكفينووضعهما مع الجسد الطاهر .ثم أمرهم الإمام بأن يهيلوا التراب على الجسد الطاهر لأبي الفضل.الامام:أهيلوا التراب جزاكم الله خيراُ.الراوي :ثم قام الإمام محني الظهر وبنوا أسد لا يعرفون من هو واتجه نحو القبور وهو يبكي وبني أسد ينظرون اليهِ ما يصنع هذا الرجل.ثم أراد الإمام (ع) إن يتوجه إلى الشام فقال إليه الشيخ .الشيخ :يا أخا العرب نقسم عليك بالله وأصحاب القبور هلا عرفتنا بنفسك .الامام :انا عليُ بن الحسينُ بن علي بن أبي طالب .الامام :قوموا معي لأعرفكم بأصحاب القبور . هذا( قبر الحسين بن علي وعلي الأكبر والطفل الرضيع) . وهذا ( قبر حبيب بن مظاهر ).وتلك (قبور أصحاب الحسين اللذين ضحوا في كربلاء ). وذاك (قبرُ أبي الفضل العباس حامل لواء الحسين) .الراوي : واخذ بنو أسد راكعين باكين على ما حصل بأهل بيت النبوة واخذ الشيخ يقبل الإمام ويُعزيه بما أصابهم من مصيبة .وبعد ذلك ودعهم الإمام (ع) واخذوا يسلمون عليه ويودعونه .ثم ركب الإمام جواده واتجه إلى عمته زينب . أما بني أسد فقاموا ورجعوا والى خيامهم ...... 

الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

وصول سبايا الإمام الحسين(ع) إلى الكوفة ( فجيعة زينب ) ( ع )




وصول سبايا الإمام الحسين(ع) إلى الكوفة



الخروج من كربلاء


تحرّك موكب سبايا أهل البيت(عليهم السلام) من كربلاء المقدّسة نحو مدينة الكوفة، وهو يقطع الصحاري، حاملاً الذكريات الموحشة والمؤلمة لليلة الفراق والوحشة التي قضوها على مقربة من مصارع الشهداء، وهم على جمالٍ بغير وطاء ولا غطاء.
الدخول إلى الكوفة

دخل الركب الكوفة في ۱۲ محرّم ۶۱ﻫ، ففزع أهل الكوفة وخرجوا إلى الشوارع، بين مُتسائل لا يدري لمن السبايا، وبين عارف يُكفكف أدمعاً ويُضمر ندماً.

وأشرفت إحدى السيّدات، فسألت إحدى العلويات، وقالت لها: من أي الأُسارى أنتن؟ فأجابتها العلوية: نحن أُسارى أهل البيت.

وكان هذا النبأ عليها كالصاعقة، فصرخت وصرخت اللاّتي كنّ معها، ودوى صراخهنّ في أرجاء الكوفة، وبادرت المرأة إلى بيتها فجمعت ما فيه من اُزر ومقانع، فجعلت تناولها إلى العلويات ليتسترن بها عن أعين الناس، كما بادرت سيّدة أُخرى فجاءت بطعام وتمر، وأخذت تلقيه على الصبية التي أضناها الجوع، ونادت السيّدة أُمّ كلثوم من خلف الركب: «إنّ الصدقة حرام علينا أهل البيت».

وصارت تأخذ من أيدي الأطفال وأفواههم، وترمي به الأرض، وتقول: «يا أهل الكوفة! تقتلنا رجالكم وتبكي علينا نساؤكم، فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء»(۱).

ثمّ اتّجه موكب السبايا نحو قصر الإمارة، مُخترقاً جموع أهل الكوفة، وهم يبكون لما حلّ بالبيت النبوي الكريم، ولما اكتسبت أيديهم، وخدعت وعودهم سبط النبي(صلى الله عليه وآله) وإمام المسلمين الحسين بن علي(عليهما السلام)، وها هم يرون أهله ونساءه أُسارى، وها هو رأس السبط الشهيد يحلِّق في سماء الكوفة على رأس رمح طويل، وقد دعوه ليكون قائداً للأُمّة الإسلامية، وهادياً لها نحو الرشاد!.

فحدّقت السيّدة زينب(عليها السلام) بالجموع المحتشدة، ومرارة فقدان أخيها تملأ فمها، وذلّ الأَسر يحيط بموكبها، فنظرت(عليها السلام) إلى أهل الكوفة نظرة غضب واحتقار، وخطبت بهم خطبة مقرعة ومؤنِّبة.
الدخول إلى قصر الإمارة

أُدخل رأس الإمام الحسين(عليه السلام) إلى القصر، ووضع بين يدي عبيد الله ابن زياد والي الكوفة، فأخذ يضرب الرأس الشريف بقضيب كان في يده، وعليه علامات الفرح والسرور.

وكان الى جانبه زيد بن أرقم ـ وكان شيخاً كبيراً صحابيّاً ـ، فلمّا رآه يفعل ذلك بثنايا ابن رسول الله قال له: ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فو الله الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله(صلى الله عليه وآله) عليها ما لا أُحصيه كثرة تقبّلهما. ثمّ انتحب باكياً.

فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك، أتبكي لفتح الله؟ والله لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وذهب إلى منزله.

ثمّ أُدخل النساء والأطفال ومعهم الإمام زين العابدين(عليه السلام)، وكانت عقيلة بني هاشم السيّدة زينب الكبرى(عليها السلام) متنكّرة، وقد انحازت إلى ناحية من القصر ومعها النسوة.

فقال ابن زياد: مَن هذه التي انحازت ومعها نساؤها؟ فسأل عنها ثانية وثالثة فلم تجبه، فقيل له: هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله.

فانبرى ابن زياد مخاطباً زينب(عليها السلام) شامتاً بها: الحمدُ لله الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب أُحدوثتكم.

فردّت(عليها السلام) عليه بلسانِ المرأة الواثقة بأهدافها: «الحمدُ لله الذي أكرمَنا بنبيِّه محمّدٍ(صلى الله عليه وآله)، وطهّرَنا مِن الرجس تطهيراً، إنّما يَفتضحُ الفاسق ويكذبُ الفاجِر، وهو غيرُنا».

فقال ابن زياد: كيف رأيت فِعلَ الله بأهلِ بيتك؟ فقالت(عليها السلام): «كتب اللهُ عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع اللهُ بينك وبينهُم، فتحاجُّون إليه وتختصمون عنده».

فغضب ابن زياد واستشاط غضباً، فقال عمرو بن حريث: إنّها امرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها.

فقال لها ابن زياد: لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين، والعصاة المردة من أهل بيتك.

فقالت: «لعمري، لقد قتلت كهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي، فإن كان هذا شفاك فقد اشتفيت»، فأخذ ابن زياد يفحش في كلامه.

ثمّ جاء الدور بعد ذلك للإمام زين العابدين(عليه السلام) ليقف أمام عبيد الله بن زياد، فسأله: مَن أنت؟ فأجاب(عليه السلام): «أنا علي بن الحسين».

فقال: ألم يقتل الله علي بن الحسين؟ قال(عليه السلام): «كان لي أخٌ يُسمّى علياً قتله الناس».

فقال ابن زياد: بل قتله الله.

قال(عليه السلام): (اللهُ يَتَوَفّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)(۲).

فغضب ابن زياد لردّ الإمام(عليه السلام)، فنادى جلاوزته: اِضربوا عنقه.

فتعلّقت عمّته زينب(عليها السلام) به، وصاحت: «يابن زياد، حَسْبك مِن دمائنا، والله لا أفارقه، فإن قتلته فاقتلني معه»، فتراجع عن ذلك.

ثمّ صعد المنبر، ونال من أهل البيت وكذّبهم فافتضح نفاقه وبانت أعراقه، وكان في المجلس شيخ كبير آخر هو عبد الله بن عفيف الأزدي، فانتفض في وجه ابن زياد السفّاك وخذله ونال منه.

فقال ابن زياد: عليَّ به، فأخذته جلاوزة النفاق والشقاق، فانتزعه منهم رجال من الأزد، إلاّ أنّ ابن زياد أرسل عليه ليلاً، فأُخرج من بيته وجيء به لابن زياد، فضرب عنقه، وصلبه على السبخة، فرحمة الله عليه(۳).
خطبة السيّدة زينب(عليها السلام)

قال بشير بن خزيم الأسدي: «ونظرت إلى زينب بنت علي يومئذٍ، ولم أرَ خفرة والله أنطق منها، كأنّها تفرع من لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثمّ قالت:

الحمد لله والصلاة على أبي محمّد وآله الطيبين الأخيار، أمّا بعد: يا أهل الكوفة، يا أهل الختر والغدر والختل والمكر، ألا فلا رقأت العبرة ولا هدأت الزفرة، إنّما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً، تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا وهل فيكم إلاّ الصلف والنطف، والصدر الشنف، وملق الإماء، وغمز الأعداء، أو كمرعى على دمنة، أو كفضة على ملحودة، ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون.

أتبكون وتنتحبون! إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأنّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيّد شباب أهل الجنّة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، ومنار حجّتكم، ومدرة سنتكم، ألا ساء ما تزرون، وبعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي، وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضبٍ من الله، وضُربت عليكم الذلّة والمسكنة.

ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون أيّ كبدٍ لرسول الله فريتم، وأيّ كريمةٍ له أبرزتم، وأيّ دمٍ له سفكتم، وأيّ حرمةٍ له انتهكتم؟ ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء سَوّاء فقماءـ وفي بعضهاـ خرقاء شوهاء كطلاع الأرض ومُلاء السماء.

أفعجبتم أن مطرت السماء دماً؟ ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون، فلا يستخفنّكم المهل، فإنّه لا تحفزه البِدَار، ولا يُخافُ فوتُ الثأر، وإنّ ربّكم لبالمرصاد.

ثمّ أنشأت تقول:

ماذا تقولون إذ قال النبيّ لكم ** ماذا صنعتم وأنتم آخر الأُمم

فقال الإمام زين العابدين(عليه السلام): «يا عمّة اسكتي، ففي الباقي من الماضي اعتبار»، فسكتت الحوراء زينب(عليها السلام)».

قال الراوي: «فو الله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون وقد وضعوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي، حتّى اخضلت لحيته، وهو يقول: بأبي أنتم وأُمّي، كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل، لا يخزي ولا يبزي»(۴).
خطبة الإمام زين العابدين(عليه السلام)

ثمّ ارتقى الإمام زين العابدين(عليه السلام) المنبر، فأومأ للناس بالسكوت، وكان معتل الحال، فأثنى على الله وحمده، وذكر النبي(صلى الله عليه وآله) ثمّ صلّى عليه، ثمّ قال:

«أيّها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، أنا ابن من انتُهكت حرمته، وسُلبت نعمته، وانتُهب ماله، وسُبي عياله، أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات من غير ذحلٍ ولا تَرات، أنا ابن من قُتل صبراً، وكفى بذلك فخراً.

أيّها الناس فأنشدكم الله، هل تعلمون أنّكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه، فتبّاً لما قدّمتم لأنفسكم، وسوأة لرأيكم، بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذ يقول لكم: قتلتم عترتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أُمّتي».

قال الراوي: «فارتفعت الأصوات من كل ناحية، ويقول بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون، فقال(عليه السلام): رحم الله امرأ قبل نصيحتي، وحفظ وصيّتي في الله، وفي رسوله، وأهل بيته، فإنّ لنا في رسول الله(صلى الله عليه وآله) أُسوة حسنة»(۵).

واستمر الإمام(عليه السلام) في الخطبة، فعرّى الأُمويين وأتباعهم الخونة الظالمين، ونصح المسلمين.
خطبة السيّدة فاطمة الصغرى(عليها السلام)

خطبت السيّدة فاطمة الصغرى(عليها السلام) بعد أن وردت من كربلاء، فقالت: «الحمد لله عدد الرمل والحصى، وزنة العرش إلى الثرى، أحمده وأؤمن به، وأتوكّل عليه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله(صلى الله عليه وآله)، وأنّ أولاده ذُبحوا بشطّ الفرات بغير ذحلٍ ولا تَرات.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب، أو أن أقول عليك خلاف ما أنزلت عليه، من أخذ العهود لوصيّه علي بن أبي طالب(عليه السلام)، المسلوب حقّه، المقتول من غير ذنب، كما قتل ولده بالأمس في بيت من بيوت الله، فيه معشر مسلمة بألسنتهم، تعساً لرؤوسهم، ما دفعت عنه ضيماً في حياته ولا عند مماته، حتّى قبضته إليك محمود النقيبة، طيّب العريكة، معروف المناقب، مشهور المذاهب، لم تأخذه اللهمّ فيك لومة لائم، ولا عذل عاذل، هديته اللهمّ للإسلام صغيراً، وحمدت مناقبه كبيراً، ولم يزل ناصحاً لك ولرسولك، حتّى قبضته إليك، زاهداً في الدنيا غير حريص عليها، راغباً في الآخرة، مجاهداً لك في سبيلك، رضيته فاخترته فهديته إلى صراطٍ مستقيم.

أمّا بعد يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء، فإنّا أهل بيتٍ ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسناً، وجعل علمه عندنا، وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، ووعاء فهمه وحكمته، وحجّته على الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضّلنا بنبيّه محمّد(صلى الله عليه وآله) على كثيرٍ ممّن خلق تفضيلاً بيّناً، فكذّبتمونا وكفّرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً، وأموالنا نهباً، كأنّنا أولاد ترك وكابل، كما قتلتم جدّنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت؛ لحقدٍ متقدّم قرّت لذلك عيونكم، وفرحت قلوبكم، افتراءً على الله، ومكراً مكرتم، والله خير الماكرين.

فلا تدعونّكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا، ونالت أيديكم من أموالنا، فإنّ ما أصابنا من المصائب الجليلة، والرزايا العظيمة (فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

تبّاً لكم، فانتظروا اللعنة والعذاب، فكأنّ قد حلّ بكم، وتواترت من السماء نقمات، فيسحتكم بعذابٍ، ويذيق بعضكم بأس بعض، ثمّ تُخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله على الظالمين.

ويلكم! أتدرون أيّة يدٍ طاعنتنا منكم، وأيّة نفس نزعت إلى قتالنا؟ أم بأيّة رجل مشيتم إلينا، تبغون محاربتنا؟ والله قست قلوبكم، وغلظت أكبادكم، وطُبع على أفئدتكم، وخُتم على سمعكم وبصركم، وسَوّل لكم الشيطان وأملى لكم، وجعل على بصركم غشاوة، فأنتم لا تهتدون.

فتبّاً لكم يا أهل الكوفة، أيّ تَرات لرسول الله(صلى الله عليه وآله) قبلكم، وذحول له لديكم بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب جدّي، وبنيه وعترته الطيّبين الأخيار، فافتخر بذلك مفتخر وقال:

نحن قتلنا علياً وبني علي ** بسيوفٍ هندية ورماح

‏وسبينا نساءهم سبي ترك ** ونطحناهم فأيّ نطاح

بفيك أيّها القائل الكثكث والأثلب، افتخرت بقتل قومٍ زكّاهم الله، وطهّرهم الله، وأذهب عنهم الرجس، فأكظم وأقعِ كما أقعى أبوك، فإنّما لكلّ امرئ ما كسب، وما قدّمت يداه.

أحسدتمونا ويلاً لكم على ما فضّلنا الله؟ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور».

قال الراوي: «فارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب، وقالوا: حسبك يا ابنة الطيّبين، فقد أحرقت قلوبنا، وأنضجت نحورنا، وأضرمت أجوافنا، فسكتت(عليها السلام)»(۶).
خطبة السيّدة أُم كلثوم(عليها السلام)

خطبت السيّدة أُم كلثوم بنت الإمام علي(عليه السلام) في ذلك اليوم من وراء كلّتها، رافعة صوتها بالبكاء، فقالت:

«يا أهل الكوفة، سوأة لكم، ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه، وانتهبتم أمواله وورثتموه، وسبيتم نساءه ونكبتموه، فتبّاً لكم وسحقاً، ويلكم! أتدرون أيّ دواة دهتكم؟ وأيّ وزرٍ على ظهوركم حملتم؟ وأيّ دماء سفكتموها؟ وأيّ كريمة أصبتموها؟ وأيّ صبية سلبتموها؟ وأيّ أموال انتهبتموها؟

قتلتم خير رجالات بعد النبي(صلى الله عليه وآله)، ونزعت الرحمة من قلوبكم، ألا إنّ حزب الله هم الفائزون، وحزب الشيطان هم الخاسرون» ثمّ قالت:

قتلتم أخي صبراً فويل لأُمّكم ** ستجزون ناراً حرّها يتوقّد

سفكتم دماءً حرم الله سفكها ** وحرّمها القرآن ثمّ محمّد

ألا فأبشروا بالنار أنّكم غداً ** لفي سقر حقّاً يقيناً تخلدوا

وأنّي لأبكي في حياتي على أخي ** على خير من بعد النبي سيولد

بدمعٍ غزيرٍ مستهلّ مكفكف على ** الخدّ منّي دائماً ليس يجمد

قال الراوي: فضجّ الناس بالبكاء والنوح، فلم يُرَ باكية وباكٍ أكثر من ذلك اليوم(۷).
رأس الحسين(عليه السلام) في شوارع الكوفة

ولم يقف حقد ابن زياد وقساوته وأُسلوبه الوحشي إلى حَدٍّ، بل راح يطوف في اليوم الثاني برأس الحسين(عليه السلام) في شوارع الكوفة، يُرهب أهلها، ويتحدّى روح المعارضة والمقاومة فيها.

وقال زيد بن أرقم: مرّ به عليّ وهو على رمح، وأنا في غرفةٍ لي، فلمّا حاذاني سمعته يقرأ: (اَمْ حَسِبْتَ اَنَ اَصحابَ الْكَهْفِ وَالرّقيمِ كانوا مِنْ اياتِنا عَجَباً)، وقف والله شعري وناديت: رأسك والله يا بن رسول الله أعجب وأعجب(۸).
التوجّه إلى الشام

وفي اليوم التالي أمر ابن زياد جنده بالتوجّه بسبايا آل البيت(عليه السلام) إلى الشام، إلى الطاغية يزيد بن معاوية، وأمر أن يكبّل الإمام زين العابدين(عليه السلام) بالقيود، وأركب بنات الرسالة الإبل الهزّل؛ تنكيلاً بهنّ، وليحظى عند سيّده يزيد بالمنزلة الأرفع، والمكان الأقرب.




مشاركة مميزة ( أضغط هنا للتصفح )

-- تقويم الزهراء1446 هـ الأحساء 39 سنة

ـــــــــــــــــــــــــــــــ مادة إعلانية ـــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ...

شارك معنا رأيك